10 سنوات من التّفهم

المهلكات الأربعة

20-01-2022


في موسم الغبار كلما تحاول تفتح النافذة يدخل الغبار، فتلقى نفسك تجنبت فتح النافذة، لكن أوقات لما يكون الغبار شديد حتى لما تغلق النافذة يدخل الغبار، ولما تركب طبقتين من الزجاج عشان تمنع دخول الغبار تلقى أنه ما نفع، ولما تجرب أن تضع شبك حديد أو السلك العازل للغبار تجد أنه كمان ما نفع، وقتها تحس أن معركتك مع الغبار لا تنتهي، وهذه النافذة تجبلك غبار كثير وتزعجك، فتقفل هذه النافذة بقطعة خشب عشان ما يدخل أي غبار، وطبعا أصبحت النافذة شكل فقط ما يعبر منها ضوء أو هواء.

يا ترى في علاقاتك الاجتماعية ماهي النافذة اللي تغلقها؟ بمعنى لو كنت تتحدث مع أحد أصدقائك، وكل ما تتحدث معه يقولك لك أن الخطأ منك، ليش ما تسوي كذا كذا؟ كيف ما لاحظت هذا الشيء؟ وفقط ينتقضك على كل شيء، وعندما تُعجب بهاتف جديد ومميزات جديدة وتخبر صديقك، يقول لك كيف معقول؟ كيف عجبك هذا الشيء؟ كيف شخص مثلك يعجبه هذا الموديل؟ هذا الموديل غبي جدا وما فيه أي مميزات، ويحتقر رأيك تماما، وعندما تخبره بشيء هو أخطأ فيه، يهاجمك بسرعة.

طبعا مع الوقت من الطبيعي أنك تتجنب تتحدث مع صديقك هذا، بالرغم من أنك تفضله، ولكن ما تحب الحوار معه، لأن كل حوار يأتي لك بشعور سلبي، وأنك تشعر بالحزن بعد الحوار معه، وتجد نفسك ما تتفاعل معه في أي موضوع، فلو سألك عن رأيك تجامله وتقول له نفس رأيه، لأنك لا تريده أن ينتقدك أو يهاجمك، ولا تريده يحتقر رأيك، وبذلك تقل رغبتك في الحديث معه، ورغبتك في فتح أي حوار معه، لأن الشعور اللي يأتيك بعد الحوار يحزنك جدا.

تخيل لو هذه طريقة كلامك مع شريك حياتك، فلو كنتم تذهبون إلى أي مشوار وتأخرت عليك تخبرها بأنها طول عمرها بطيئة (باردة) ولم تستطيعي تستفيدين بالوقت، وعشان تروحي أي مكان لازم تضيعي وقت طويل، ولما تذهب أنت إلى السوبر ماركت وتأتي بقائمة المقادير، وتنسى شيء منها، تخبرك أنك ما تقدر تركز، ودائما تفقد عقلك، والظاهر أنه عندك مشكلة في التركيز.

وإذا شريكتك عبرت عن رأيها في سيارتك، تقول لها ايش عرفك أنتِ بالسيارات، هذا رأي بالله؟ هذا شيء ما تعرفيه، لا تتكلمي فيه من فضلك، وتحتقر رأيها تماماً، وعلى النقيض لو أنت اخترت ساعة عجبتك، تقول لك ايش عرفك بالموضة والألوان؟ كيف تختار شيء ما يناسبك؟ ولو كنتوا تتحدثوا وعصبتك في الكلام وأخطأت فيها وجرحتها بكلمة، وأخبرتك بأنك جرحتها، ترد عليها وتهاجمها وتقول لها أنت السبب وانتِ اللي عصبتيني، وقبل ما تعترف بخطأك، واذا شريكتك ما سوت شيء كنتوا متفقين أنها تفعله، وكان من مسؤولياتها، وسألتها عنه، تقول لك أنت السبب ما خليتني أسوي هذا الشيء لأني ما تذكرت، ولكن هذا خطأك أنت مو خطئي، وتبدأ تهاجمك.

وبعد الحوار كل مرة بهذه الطريقة، حيكبر الموضوع من طرف او الإثنين إلى أنكم ما تتحدثوا، لأن أكيد كل إنسان يتمنى يعيش في سلام، وتبدأو تبنوا حاجز بينكم أنتم الإثنين، وتبدأو تتشاركوا مهام البيت، ومسؤلياته، وإذا كان يوجد أولاد، تتحدثوا عن الشيء الضروري فقط، وأصبحتوا ترعوا البيت فقط، ولكن للأسف لا يوجد علاقة زوجية، نفس النافذة اللي أغلقناها بقطعة خشب، إستمرت نافذة لكن لا يوجد ضوء، ولا هواء يعبر منه، مجرد منظر.

هذه الحياة هي بداية النهاية، لأنها مليئة بالمهلكات الأربعة، اللي تنهي أي علاقة زوجية، وهي النقد المستمر، الإحتقار، الهجوم، والدفاع، وأخيرا الحاجز والتباعد بين الزوجين، هذه المهلكات الأربعة حسب دارسات د. جاتمان تنهي العلاقات الزوجية بنسبة كبيرة، وخاصة الإحتقار، ينهي العلاقة بنسبة من 70%.
والحل لهذه المهلكات الأربعة، بدل ما تنتقد شريكة حياتك، ممكن تعبر عن شعورك، وتعبر عن إحتياجك في الموقف اللي أزعجك، ولما تخرجوا وتتأخر عليك، بدل ما تنتقدها عبر عن شعورك، وأخبرها أنك تنزعج لما توصل لأي عزيمة متأخر، وأحتاج أنك تكوني على الموعد عشان ما أحس بنفس الشعور، أما لو شريكك إختار ساعة، ما كان لونها يناسبه، بدل ما تحتقري رأيه، ممكن تشكريه على اهتمامه بالساعة، وتعبري عن رأيك، وتقولي رأيك بصدق، وتقولي الساعة جيدة ولكن أظن أن لونها ما يناسبك، وممكن تلقى شيء أنسب، فأنتِ صادقة معاه في رأيك ولا إحتقرتي رأيه.

أما لو أخطأت على شريكتك في كلمة جرحتها، ولو كان أن أنت عصبت بسببها، مو صح أن تنفي خطأك وما تعترف به، ممكن تخبرها بأنك عصبت من الكلمة اللي قالتها، لكنك مخطئ في الكلمة اللي جرحتها ومو المفروض أن تقولها.

نحن نتعلم مهارات كثير في حياتنا، لكن لا يوجد أحد يعلمنا كيف نتعامل مع شريك حياتنا، وطبيعي لو أنت متزوج، ممكن ما تعرف كيف تتحدث مع شريكتك، بدون وجود هذه المهلكات الأربعة، ابدأ راقب حوارك مع شريك حياتك، وكيف تتحدثوا، وما هي كمية إنتقادكم لبعض؟ وهل يوجد هجوم، ودفاع أو أي إحتقار؟ ممكن نبدأ من الآن أن نصحح طريقة الحوار، واسلوب الكلام.

الكلام مع شريك حياتك، مثل النهر، كل ما كان صافي وصوته حلو ونقي، كل ما فضلت أن تجلس بجواره، وتسمع صوته، وتشرب منه، وكل ما كان مزعج ومليء بالغبار وصوته مزعج، سوف تبتعد عنه وتقل رغبتك من أن تقترب منه.