10 سنوات من التّفهم

صدمة عمري

13-09-2021


طبيعة الحياة إنها متغيرة، فيها أيام حلوة وأيام مُرة، ومواقف تفرح ومواقف تزعل، أوقات المواقف التي تتسبب في حدوث زعل تكون مفاجئة ولا نعرف كيف نعبر عنها، بعكس الفرح الذي عندما نشعر به نعرف كيف نعبر عنه وكيف نشاركه مع الناس حولنا.

البعض يعتقد أنه في المفاجآت من المفترض أن نستجيب لمشاعرنا وإذا كان الموقف مفاجئ ومحزن، فمن الضروري أن نشعر بضيق وزعل، وننسى كيف نفكر وننسى كيف نتصرف لإننا متفاجئين، والبعض ممكن يعتقد أنه لا، أنا المفروض الآن أفكر وأخطط وأقرر ماذا يجب أن أفعل، وألا أستجب لمشاعري إطلاقًا وقت المفاجأة.

قبل ما نفكر كيف نتصرف، ضروري نعرف ما هي المواقف المفاجئة، والتي نُسميها أزمة (Crisis)، عرّفوها علماء النفس بأنها الأحداث قصيرة المدى والتي تحدث في وقت قصير جدًا وتستمر لفترة قصيرة جدًا، مثل حادث السيارة -لا قدر الله-

الصفة الثانية لها، هي المواقف التي تكون متكررة في حياة الإنسان، بمعنى أنه إذا كان يحدث لك حادث كل يومين، أو تتفاجئ بحادث، هذه ما تعتبر أزمة، تعتبر مشكلة مزمنة نحتاج نعالجها، قد تكون عدم معرفة في قيادة السيارات، أو ضعف في النظر، لأنه تكرار الأزمة دليل على وجود مشكلة مزمنة ومستمرة.

الصفة الثالثة للـcrisis أنها غير متوقعة ومفاجئة، مثل وفاة شخص عزيز عليك، أو الانفصال غير المتوقع لزواج سعيد، أو الإصابة فجأة بمرض مزمن وخطير لا يمكن التنبؤ بوقوعه.

الصفة الرابعة للـcrisis، أن المشاعر في هذه المواقف تكون جدًا عالية وقوية، وتشعر بالضغط عليك، وأعصابك تكون جدًا مشدودة.

تحدثنا عن العقل العاطفي ذكرنا أن من صفات العقل العاطفي؛ أن المشاعر تكون سيدة الموقف وتتحكم في انفعالاتك وردود أفعالك وتصرفاتك، ففي المواقف المحرجة والـcrisis بنكون في العقل العاطفي لشدة المشاعر، وحتى تستطيع أن تتصرف نحاول نكون بالعقل الحكيم المتزن بين العاطفة والمنطق، هناك عدة مهارات ممكن تتعلمها وتبدأ تمارسها في هذه المواقف، فمثلًا؛ لو استلمت سيارتك الجديدة وأنت تسير في منتصف الشارع جاءتك سيارة من اليسار واصطدمت بك، أنت لم يصبك شيء والسيارة هي التي تضررت. طبعًا الحادث مفاجئ وليس غلطتك، خرجت ترى الشخص الذي صدمك وجدته مستهتر، مسرع، وبدأ يلومك ويحملك الغلط، أنت الآن شعرت بـcrisis وانفجعت من الحادث. اللوم غير منطقي وأنت تنتابك عصبية فائقة، فكيف ستتصرف هنا؟! هل ستتخاصم وتتشاجر معه، ولأنه إنسان مستهتر فإنه ممكن يرتفع صوته ويصل للخصام بالأيادي، أو إنك ستتحدث مع الجهات المختصة كي تحسم الأمر، أو إنك ستجلس بداخل سيارتك غضبان ومصدوم ومنت عارف كيف تتصرف.

كل الحلول التي ذكرناها واردة، برأيك ما هي أفضل الحلول؟!

اقترحت الدكتورة مارشا لينهان التي أنشأت العلاج السلوكي الجدلي "DBT" أوDialectical behavior therapy أنه أفضل حل عند وقوع crisis أو موقف محرج أو صدمة، بأنك لا تستسلم لمشاعرك فقط، ولا تستسلم لمنطقك وعقلك وتنسى مشاعرك تمامًا، لكن تكون في حالة العقل الحكيم الذي يتصرف بين العقل والعاطفة.


العقل الحكيم في الموقف السابق سيتصرف على الحقائق التي صارت وعلى المشاعر الناجمة في الموقف لحظة وقوع الحادث، فستحاول أن تهدئ نفسك أول ما يحدث الحادث عن طريق تنفس عميق أو بعض المهارات الاخرى، وبعدها ممكن تتحدث مع الجهات المختصة حتى يُحسم الموضوع، لأنك إذا دخلت في خلاف مع الشخص، ممكن تكبر المشكلة، وتزيد مشاعر الغضب والقهر التي أنت تشعر بها.

إذا تجاهلت مشاعر الحادث، الفجعة، الغضب، وكتمتها ممكن أن تخرج وتظهر في مواقف أخرى.

أما إذا تجاهلت الحادث واستسلمت لمشاعر الزعل والقهر وجلست في سيارتك، فأنت هكذا ستكون تمامًا في العقل العاطفي، وستجعل مشاعرك تسيطر عليك.

أما إذا عدت إلى المنزل ولم تفعل أي شيء، فأنت تتخلى عن كل المسؤوليات وتتجاهل الحقائق التي حدثت، وفقط تُركز على مشاعرك وبماذا أنت تشعر.

الوعي بالمشاعر في المواقف المحرجة والـcrisis ما يعني إنك لا تقوم بالتصرف الذي ينبغي عليك أن تفعله، ولا يعني أنك تكبت مشاعر الحزن والغضب والفجعة التي تحدث وقت الموقف؛ لأنه كبت المشاعر يزيد من حدتها، ويجعلك تعاني أكثر.

شاركوني كيف تتصرفوا في المواقف المفاجئة في حياتكم ووقت الـcrisis على مواقع التواصل الاجتماعي @purplecouchnet