13-09-2021
إذا كنت تحب الآثار التاريخية، وتعرف أماكنها وتذهب لزيارتها ورؤيتها لتستكشف هل هي مثل الصور التي في الكتب أم لا، وتعرف تاريخ كل أثر فيها، ودائمًا دائمًا تتكلم عن رحلاتك واستكشافاتك التاريخية، وأصبح أصدقائك يقولون لك لماذا لا تنظم زيارة للذهاب لرؤية هذه الآثار، واتفقت أنت وصديقك من حماسك إنكم تنظموا رحلة لمجموعة من أصدقائك، وحددتم المكان الذي ستذهبون لزيارته، عندما سجّلوا العدد المطلوب، اخترت طريق أنت متعود عليه وكان هذا المكان يبعد تقريبًا ساعة ونصف عن مدينتكم.
وبعد ما تجمعتوا واتفقتوا على الوقت، وجاء كل المشاركين في الرحلة على الوقت، وأنت ماشي قررت إنك تغير الطريق لطريق أسهل ويأخذ 45 دقيقة فقط، حتى تستطيعوا مشاهدة كل الآثار الموجودة في المنطقة، قررت تسلك هذا الطريق الجديد اللي أنت عمرك ما سرت فيه، ولما بدأتوا تتوجهوا عبر هذا الطريق اكتشفت غلطتك وأن الطريق لم يكن سهلًا للباصات الكبيرة، فأخذتوا ثلاث ساعات بدل من ساعة ونصف.
وبالطبع مع طول الوقت، أنت تضايقت للغاية، وعرفت أنهم لن يستطيعوا مشاهدة كل الآثار لأن الشمس ستغيب وسيحل الظلام، وعندما بدأت تشعر بالضيق والنكد، بدأت تحاول تبرر وبدأت تحاول تُشعر المجموعة التي معك بالندم الذي يسيطر على إحساسك وتشعر به.
الجو العام للرحلة بدأ يسيطر عليه أحاسيس النكد، وبدأوا الناس يشعرون بالندم وأنه بالفعل يا خسارة فاتهم، وبدأ شريكك يفكر بشكل عقلاني ويقول لك "طيب.. نقدر نعوضهم بأننا ننظم رحلة ثانية لنفس المجموعة، ولكن مجانًا"، لكن أنت كان شعور النكد قد سيطر عليك بالفعل، وإحساس الندم غالب عليك.
شعورك بالندم على خطأ ارتكبته وهو إنك جربت طريق جديد بدون ما تعرفه يعتبر شعور نبيل منك وفطري، لأنك غلطت، لكن استمرار الندم معك قد يسيطر عليك ويؤخرك في حياتك وممكن تكون بتندم على شيء ليس لك ذنب فيه، فمثلًا إذا كان التأخير في الطريق بسبب أن السيارة تعطلت فجأة مع أنك فحصتها بالأمس وتأكدت أن كل شيء فيها سليم، لكن جاء القدر وتعطلتوا. ندمك هنا يعتبر ندم غير مبرر ولا يتفق مع الواقع، لأنك بتندم على شيء ليس لك ذنب فيه. أول ما يأتيك شعور الندم اسأل نفسك: يا ترى هل هو يتوافق مع الواقع؟ هل الذي أندم عليه لي يد فيه؟ إذا كانت الإجابة لأ مثل إن السيارة تعطلت فجأة، فأنت ليس بيدك أن السيارة تعطلت، أما إذا كان الجواب نعم، مثل إنك اخترت طريق جديد وغامرت ولم تحسب حساب المجموعة وجربت مع المجموعة شيء لا تعرفه، فهنا إحساسك بالذنب مبرر ويتفق مع الواقع لإنه من الأفضل أن تعترف بخطأك وتعتذر عنه، بدل من أن تقول "كله من خرائط جوجل التي ما أرشدتني إنه ما ينفع للباصات الكبيرة". فاعترافك بالذنب فضيلة ومهم إنك تعتذر عن خطأك وتبدأ تفكر كيف من الممكن أن تعوض الخطأ الذي حدث؟
إحساسك بالخطأ يدل إنه ضميرك صاحي وإنك واعي بأحاسيسك، لكن استمرار الندم والشعور بالذنب يجعلك دائمًا تنظر خلفك، ودائمًا تركز على الماضي, فأنت ممكن تصطدم في المستقبل الذي يأتيك لإنك لا تراه ولا تعيشه، فإذا كانت غلطتك في تنظيم الرحلة واختيار الطريق جعلك تشعر بالندم وضيّع عليك شهور وأسابيع، ومن الممكن أن يحرمك من أن تفكر في تنظيم أي رحلة ثانية، هذا سيضيع عليك فرص كثيرة، وسيحرمك من شغف أنت تحبه، لكن إذا غلطت في حق أحد من المهم إنك تعترف بغلطك وتشعر بالندم على الغلطة التي فعلتها وتحاول جاهدًا إنك تصلح غلطتك هذه. أما إذا غلطت في حق نفسك، فالخطأ طبيعة البشر، ونحن نعيش ونغلط. مهم تسأل نفسك: يا ترى لماذا حدث هذا الغلط؟ كيف يمكنني التعلم منه حتى لا يتكرر مرة ثانية؟
إنكارك لمشاعر الندم سيجعلك تغلط نفس الغلطة مرة واثنين وثلاثة ولا تشعر بها، وانغماسك في شعور الندم والإحساس بالذنب يجعلك لا تتقدم للمستقبل والموازنة بين إنك تشعر بالندم وبين إنك تتعلم من غلطك هو الذي سيجعلك تتطور وتتحسن وتكون أفعالك أفضل وأفضل، وكل ما تكون واعي لمشاعرك، فاهمها وعارف هي تأتي من أين، كل ما استطعت تتحكم فيها.
ليس من العيب إنك تغلط، لكن العيب إنك لا تتعلم من هذا الغلط وتكرر نفس الغلط مرات كثيرة.