09-12-2021
تكلمنا في الحلقة العشرين، لماذا الإنسان يكون عنده مشاعر؟ وأهمية الشعور بهذه المشاعر والعواطف؟ إذا ما سمعت الحلقة تقدر وتسمعها في قنواتنا.
في حياتنا تمر علينا مشاعر كثيرة، في المواقف الكثيرة اللي نعيشها، لكن أوقات يجينا موقف ما نقدر نفهم شعورنا تجاهه، الدراسات تقول إن علاقتنا مع المشاعر غريبة، وعلينا أن نتقبلها كلها أو نرفضها كلها.
وأن أكثر شيء صعب علينا في فهم المشاعر، هي الخرافات عن المشاعر اللي توارثناها من جيل إلى جيل، واللي للأسف انتشرت في كل الثقافات وكل الشعوب.
أول هذه الخرافات، الخرافة اللي تقول إنه يوجد شعور معين لازم نشعر فيه في موقف معين، فمثلًا طبيعي أنك ما تشعر بالراحة لما تروح مكان جديد، وبذلك يفرض عليك شعور عدم الراحة إذا رحت لأي مكان جديد، هذه الخرافة طبعا خطأ، لأن ثقافاتك وعاداتك وخبراتك مع الأماكن الجديدة تختلف عن صديقك، أخوك، أقرب الناس لك، وكل إنسان له شعور مختلف في نفس الموقف.
الخرافة الثانية تقول، لما تُظهر مشاعرك للناس من حولك، تعتبر نقطة ضعف لك، لأن الناس حيعرفوا ايش تشعر بهذه اللحظة، ومن هنا جاء ترويج للوجه الجامد في الصور أو اللي نسميه poker face، الـ poker face اللي ما فيه أي مشاعر ظاهرة، وتظهر في صور الأشخاص الأقوياء وهذه اكيد تعتبر خرافة، لأن من الطبيعي كبشر يكون عندك مشاعر وطبيعي تظهر عليك في مواقفك، ما في أحد يقدر يكون جامد 24 ساعة، وهذه ما تعتبر نقطة قوة، بالعكس تعتبر نقطة ضعف، أنك ما تشعر بمشاعرك ولا تقدر أنك تفعل العقل العاطفي لديك.
أما الخرافة الثالثة تقول، أن كونك تشعر بمشاعر معينة، أو أي مشاعر، هذا دليل أن مشاعرك مسيطرة عليك، وطبعا هذا الشيء خطأ، لأن شعورك ما يعني أنك تعيش بالعقل العاطفي اللي تكلمنا عنه في الحلقة الثالثة من Purple sound بعنوان النفس الحكيمة، تكلمنا عن الفرق بين العقل العقلاني، والعقل العاطفي، إحساسك بالمشاعر ما يدل أنك تعيش في العقل العاطفي وأنها تسيطر على مشاعرك، يدل أنك عايش بالعقل العاطفي، وأنها تسيطر على وعيّك ومنطقك.
أما الخرافة الرابعة تقول، أن المشاعر السلبية تشتت تفكيري وتركيزي ومن الأفضل أن ما أشعر فيها ولا أعطيها أي اهتمام، طبعًا هذه الخرافة خاطئة، لأن المشاعر السلبية موجودة زيها زي الإيجابية، إن كانت مشاعر الحزن، أو الفرح، أو السعادة، هي كلها مشاعر ما تدل على تشتيت التركيز، وكتمان هذا الشعور السلبي يزيد من حدة الشعور. وبالتالي يخليك تتغاضى عنه لفتره، وبعد فترة يظهر غير مفهوم، فتلقى نفسك حزين بدون سبب.
أما الخرافة الخامسة تقول، أنه فيه بعض المشاعر غبية، وبعض المشاعر ذكية، طبعًا الغباء والذكاء ليس له أي علاقة بالمشاعر، فالمشاعر إذا نصنفها إيجابية مثلًا، مثل الفرح والسعادة والحماس، ما تدل على أنك شخص ذكي، ومشاعر الحزن والفقد والكآبة ما تدل على أنك شخص غبي، كل المشاعر مقبولة باختلاف تأثيرها عليك لأنها من طبيعة نفسك.
أما الخرافة السادسة تقول، إذا شعرت بشعور معين، والناس حواليك ما شعروا بنفس هذا الشعور على نفس الموقف، معناه أنه المفروض ما تشعر فيه، فلو كنت في أي مكان عام، وحدث موقف قدامك وشعرت أنه يفرحك، وحسيت بمشاعر الفرح، ولكن الناس اللي معاك ما شعروا بالسعادة. هذا يعني أنك مو المفروض تشعر بالفرح؟ لأنك لما تقولهم ايش رأيكم في اللي صار؟ يفرح مره؟ يقولوا ما في شيء يفرح، هذه تعتبر خرافة، لأن مرجعيتك لهذا الموقف، واعتقادك وعاداتك وخبراتك، في الحياة مختلفة عنهم، فالطبيعي أنك تشعر بشيء اللي جنبك وحولك ما يلاحظه، وهذا مو معناته أن شعورك خطأ، الشعور بما أنه جاء معناه صحيح، كل اللي عليك إنك تتقبله وتشعر به.
الخرافة السابعة على النقيض تقول، أن شعور الألم، شعور ليس مهم، والمفروض أن تكتمه، عشان يذهب ويمر، وطول ما أنت تعطيه اهتمام يزيد أكثر، طبعًا هذه خرافة، أثبتت الدراسات خطأها، لأننا كل ما نكتم الألم، ستزيد حدته، وبالتالي يظهر بشكل شعور سلبي آخر في وقت آخر، لأنك كتمته، وتجد نفسك تتألم على أشياء ما تؤلمك.
أما الخرافة الثامنة تقول، إذا شعرت بشعور معين فأنت مستحيل تغيره، بمعنى إذا وجدت نفسك حزين، لا تفعل شيء المفروض تجلس حزين، طبعًا هذه خرافة، لأننا نقول لازم نعترف بالشعور وتشعر فيه وتتقبله، لكن هذا ما يمنع أنك تحاول تخفف حدة الشعور اللي يزعجك، وتساعد نفسك أنك تشعر أفضل.
آخر خرافة وهي الخرافة التاسعة تقول، أن الإنسان ما يتبع قلبه، ويسوي اللي قلبه يحبه، ومو مهم أنها تؤثر عليك، أهم شيء أنك تتبع قلبك، طبعًا هذه الخرافة لما نطبقها في حياتنا واتبعنا رغباتنا ومشاعرنا، وما نتمنى نسويه، بغض النظر عن هذا الشيء يختلف مع واقعنا، أو يتنافى مع المنطق، احنا بكذا نعيش فقط بالعقل العاطفي، وننسى تمامًا عقلنا العقلاني.
أتمنى أن تكونوا استمتعوا معي في الخرافات العاطفية اليوم، وسألتوا نفسكم ياترى كم خرافة تؤمن بها، ومدى تأثيرها على فهمك للمشاعر والأحاسيس في المواقف اللي تحدث في حياتك.