30-12-2021
في رأيك مين أفضل شخص يفهم مشاعرك؟ مين أكثر إنسان عنده خبرة يستوعب كل المشاعر ويقدر يشرحها؟ هل حدث لك موقف قبل وشعرت بشعور غريب، وذهبت إلى أقرب إنسان لقلبك، وتبغى توصف له شعورك؟ بس منت عارف كيف توصف مشاعرك، ولا عارف ايش تسمي هذه المشاعر، أو تقول ايش هي؟
وكان هذا الشخص يقولك لك: هل هي مشاعر خوف؟ تقول له ما أعرف، يقول لك: مشاعر قلق؟ تقوله ما أدري، يقولك لك: مشاعر سعادة؟ تقول له ما شابه ذلك، يقولك لك: مشاعر حب؟ تقول له لا أعلم، شيء غريب، وشعور غريب ما اقدر أوصفه، ضحك هذا الشخص وقال لك: شكلك حبيت، ولكن في الحقيقة أنت ما كنت تعرف ايش هذا الشعور.
هل تعتقد أنك وحدك ما تفهم مشاعرك؟ وممكن ما تعرف توصفها، هل لأننا في مجتمع ما نعبر عن مشاعرنا دائما؟ ونخبئ أغلب المشاعر ويصعب علينا أن نشرحها، ونوصفها ونسميها، هذه الأسئلة قد تكون مرت على تفكيرك من قبل، لكن يوجد سؤال مهم دائما يتكرر، ما أهمية وجود المشاعر؟ ليش ما أعيش مشاعري بمنطق وعقل وأتحكم بقلبي، وما أسمع له؟ ولا أسأل نفسي بإيش أشعر وما هي مشاعري؟ ليش ما أعيش بالمنطق فقط؟ ايش أهمية وجود مشاعري، وأنا ما اقدر أتعرف عليها وأسميها؟
هذا السؤال حير العلماء، حتى في الغرب والذين هم يعبروا عن مشاعرهم، وسألوا أنفسهم: ما هي أهمية المشاعر؟ ليش مهم أن يكون عند الإنسان مشاعر ويشعر بها ويعبر عنها؟ وصارت دراسات كثيرة عن المشاعر والأحاسيس وأهميتها، وكانت نتائج هذه الدراسات، أن المشاعر لها دور كبير في تحفيز الإنسان أنه يتصرف بالفعل المناسب في الوقت المناسب، لأن أهم ميزة للمشاعر أنها تكون في وقتها، مثلا، وإذا كان في حريق قريب منك، حتجيك مشاعر الخوف وتحفزك للهروب، والذهاب بدون ما تجلس وتفكر بالمنطق، تعرف أن النار ماهي قريبة وتحسب بالمتر.
دائما المشاعر اللي تكون لحظية تحفزك أنك تذهب وبعد كذا تفكر ما هي مسافة قربك وبعدك للنار، المشاعر تحفزك أنك تقوم بالفعل الذي تتمني تفعله.
فإذا ما كان لديك مشاعر حماس، أبدا ما راح تبدأ في الأهداف التي تتمنى توصلها، وحتقول دائما ما اقدر ما في وقت مناسب، ليش؟ لأنك ليس متحمس تفعل هذه الأهداف، ولو ما كانت لديك مشاعر الحب، للناس من حولك، أبدا ما كنت تهتم تسأل عنهم أو تهتم أن تقضي وقت معهم، لأنك ببساطة ما تحبهم أو ما عندك مشاعر حب لهم.
المشاعر تساعدك تتواصل مع الناس المحيطين حواليك، واللي تتكلم معاهم، نظرة عينيك وأنت تتكلم مع إنسان تحبه، توصل هذا الحب من نظرة عينيك، وابتسامتك لما تشوف أحد تحبه وهو قادم إليك، توصل درجة المحبة، ونبرة صوتك وإحساسك بالراحة، وأنت تتكلم مع الإنسان اللي تحب تتكلم معاه وتشعر بالراحة لما تشاركه حياتك، توصل لمشاعرك.
والمشاعر أيضا تساعدك تتواصل مع نفسك، وتعلم بماذا تشعر في هذه اللحظة، على سبيل المثال إذا سألت نفسك: بماذا تشعر؟ راح تتعرف على نفسك بكل لحظة عن طريق مشاعرك، والمشاعر تجعلك تعرف ايش أفكارك ومعتقداتك وبما تخبرك في هذه اللحظة، لكن المشاعر قد تكون خطر كبير عليك، إذا تعاملت معها على إنها حقائك، وواقع يحدث.
فمثلا إذا كنت رايح لمقابلة شخصية للوظيفة اللي كنت دائما تحلم فيها، وفيها كل المميزات اللي تتمناها، وكنت سعيد جدا أنهم تواصلو معك لهذه المقابلة، وفي يوم هذه المقابلة شعرت بالقلق والتوتر وعدم الراحة، وشعرت بالخوف والضيق ، وقلت بينك وبين نفسك بما اني أشعر بكل هذه المشاعر السلبية وما أشعر بأي حماس، يفضل اني ما اروح للمقابلة، والوظيفة ماهي مناسبة لي، وقررت أنك ما تروح للمقابلة، مع إن لا يوجد أي شيء يدل أن هذه الوظيفة لا تناسبك، وأنت لا تعلم أي جانب جعلك تخاف وتقلق وتشعر بعدم الراحة، وما تكون متحمس أنك ما تعمل، لكنك إعتمدت على مشاعرك اللي حسيت فيها في هذا اليوم، كونك تعيش بالمشاعر فقط، هذا يجعلك تعيش بالعقل العاطفي، وهو العقل الذي يتغيب فيه المنطق تماما، وما له أي وجود، فقط تعيش على مشاعرك، والمشاعر تكون سيدة الموقف في حياتك.
في الحلقة الثالثة من purple sound تكلمنا عن النفس الحكيمة واللي شرحنا فيها، ماهو العقل العاطفي، إذا كنت ما سمعت هذه الحلقة من فضلك إرجع وإسمع شرح العقل العاطفي، وكيف تكون الحياة عندما نعيش فقط بعواطفنا، ومشاعرنا.
تفهمك لمشاعرك شيء مهم جدا، ومعرفتك لشعورك في اللحظة من أعظم النعم، لكن مهم جدا أن تعلم هل هذا الشعور اللي تشعر به في اللحظة، له أساس في الواقع أم لا؟ فإذا جاء شعور بالخوف، إسأل نفسك مما تخاف؟ وايش الشيء اللي خلاك ما تشعر بالراحة وتشعر بالقلق، وإذا رجعنا للمثال السابق في المقابلة الشخصية، أو من قبل، وجاءك شعور القلق، مهم أن تسأل نفسك أنا من ايش أخاف؟ من الممكن أن تكون قلق أن لا تقبل في الوظيفة، أو تكون خائف أنها وظيفة جديدة، وتجربة جديدة، ومن الممكن تكون قلق من التحدي الجديد، كونك أن يكون لديك مشاعر، هذا شيء مهم، وكونك تتعرف عليها يساعدك كيف تتعامل مع هذه المشاعر.
ليس كل شعور يأتيك تتصرف على أساسه، مهم أنك تتفهمه وتعرف أثره في الواقع، وتعرف من أين يأتي؟ لأن المشاعر والأحاسيس تأتي من معتقدات وقيم ومبادئ وأفكار نشأت عليها، وتظهر هذه المشاعر في بعض المواقف، لكن ما تأتي من فراغ، وتفهمك لهذه المشاعر مع مقارنتها بالواقع الذي تعيشه، يجعلك تعيش في wise mind أو العقل الحكيم، والذي يعطيك توازن في حياتك، ما بين مشاعرك الحقيقية وبين واقعك وماذا يقول؟
المشاعر نعمة، والإحساس بها والتعرف عليها وفهمها، مهارة ممكن تكتسبها، وممكن تتعلمها مثلها كمثل أي مهارة في حياتك، ولا يوجد إنسان يعرف يتعامل مع أي شيء، وطبيعي أنك تتعلم أن تطور نفسك، وتفهم مشاعرك أكثر، وتعلم كيف تتعامل معها وتقارنها بواقعك، وتعلم هل لها أساس في هذا الواقع؟ أم تأتي من معتقدات قديمة نشأت عليها.