10 سنوات من التّفهم

ِجمالُك

10-11-2021


دائمًا يقال ان شكلك يعبر عنك ومظهرك وجمالك يعبروا عن أنوثتك ولما تتولى أي سيدة منصب مهم تجيها تعليقات أكثر من الرجال عن شكلها ومظهرها، هل شكلي أو مظهري يعبروا عن أنوثتي؟ أم الأنوثة إحساس داخلي؟ هل تقل أو تنقص الأنوثة لما يتغير شيء في شكلي أو مظهري؟ كل هذه الأسئلة كانت تفكر فيها كاريمان وهيا في غرفة الانتظار تنتظر نتيجة التحاليل وكانت تُذكِّر نفسها وتقول: "احنا ما نختار أقدارنا، نختار فقط أن نرضى بالقدر اللي يقدر لنا، انتِ إنسانة مؤمنة ودائمًا تؤمني بقضاء الله وقدره".

جات الممرضة وطالبت كاريمان بالدخول إلى الدكتور الذي بلغها أنها تعاني من مرحلة مبكرة من سرطان الثدي وفسر لها الدكتور أن هذه المرحلة نسبة الشفاء فيها عالية توصل أكثر من 90%، وأنها إذا التزَمت بالعلاج واكملت كل الفحوصات المطلوبة، إن شاء الله تكون نسبة الشفاء والتعافي عالية جدًا.

كاريمان رجعت بيتها في ذهول، ماهي عارفة، راح تقول لمين؟ ولا تخفي الموضوع عن الناس؟ وجلست في ذهول أسبوع كامل، وبعدها قالت ناريمان لنفسها "ايش كان صار لو ما رحت لموعد الدكتور وما سويت الفحوصات وما عرفت نتيجة هذا التشخيص، قالت لنفسها أكيد سأسافر.

قررت كاريمان أن تبدأ تخطط لسفرها اللي تحلم طول عمرها فيها، وأول ما جاءها اتصال من العيادة لمراجعة الدكتور وتبدأ مرحلة العلاج؛ قررت أن تنكر مرضها تمامًا وتعللت بانشغالها، ثم حظرتهم من هاتفها، وبدأت تخطط للسفر، وبعد يومين حجزت كاريمان وسافرت لمدة شهر ونصف وعاشت حياتها تمامًا كأنها ما سمعت عن التشخيص وطوال مدة سفرها كانت تمر بالمشاعر الإيجابية وأن الحياة جميلة ومافيها أي شيء ناقص وكانت تسوي كل الأنشطة والـ activities التي تحب تمارسها أو اللي ما مارستها في حياتها من قبل، والسبب انه ما ينقصها شيء وما عندها شي تنتظره.

وفرحت جدًا بهذه السفرية ولما رجعت للسعودية ورجعت بيتها بدأت تلاحظ أن شعور الإيجابية اللي كانت تعيش فيه بدأ يختفي تدريجيًا وبدأت تحس بالغضب والضيق من كل شيء حولها، كانت تغضب من شدة الحرارة وتغضب من الازدحام وتغضب من الإزعاج، لكنها ما كانت تغضب من كونها مريضة أو أنه تم تشخيصها بسرطان الثدي.

وبعد أيام بدأت تسأل؛ نفسها ليش أُصبت بهذا المرض؟ أنا إنسانة ما أدخن ولا أشرب "معسل" ولا أي شيء، ليش جاني هذا المرض؟ وبدأت تبحث عن السبب، وبدأت تبحث عن كل العلاجات غير الطبية، مثل؛ الأعشاب والأشياء الطبيعية حتى تتعافى ويختفي سرطان الثدي، فسمعت وقرأت أن بإمكانها أن تشرب عصير "ديتوكس بالخضار" وبدأت تفكر ما هو السبب الذي جعلها تصاب بسرطان الثدي؟ هل هي ضغوط الحياة اليومية؟ ولا وجود ناس "سلبيين" في حياتها؟ ولا ضغوط العمل؟ ولا تناولها غذاء غير صحي كله سكريات؟

وبدأت تشكك في صحة التشخيص، وبدأت تبحث عن أفضل دكتور لعلاج سرطان الثدي أو للكشف عن سرطان الثدي، وبدأت تراسل مراكز علاج خارج المملكة وتحاول أنها تجد أي نتيجة تخبرها أنها غير مصابة بسرطان الثدي، وبعد محاولات كثير وزيارة خمسة أطباء عرفت أنه عندها نفس التشخيص بنفس المرحلة.

في هذا التوقيت دخلت كاريمان في مرحلة من الانعزال وبدأت تحس انها ما تبغى تشوف أحد، ولا تتكلم او تتواصل مع أحد، وتحس أنها وحيدة ومكتئبة وما كانت تعرف السبب، ففجأة من بعد شعورها بالإيجابية والغضب والحيرة ليش جاها المرض، دخلت في هذه الحالة المزاجية واستمرت لفترة قصيرة وبعدها بدأت تتقبل تشخيصها بسرطان الثدي وبدأت تذهب بمواعيدها وتأخذ الجرعات وتلتزم بالعلاج ووصلت لمرحلة التقبل والإيمان بقضاء الله وقدره.

هذه المراحل اللي مرت فيها كاريمان هي المراحل الطبيعية اللي تمر بها أي سيدة تُشخَّص بسرطان الثدي أو أي مرض مزمن، واللي هي مراحل الحزن والفقد، لأنه عند الإصابة بأي مرض نفقد جزء من العافية ولو لوقت مؤقت وتبدأ هذه المراحل بمرحلة الإنكار والذهول، فعندما كانت كاريمان مذهولة لمدة أسبوع وما كانت تعرف تبلغ مين، كانت في هذه المرحلة، ولما انكرت الموضوع تمامًا وحظرت رقم العيادة وما راحت مواعيدها وقررت أنها تسافر كانت منكرة تمامًا أنها تشخصت بسرطان الثدي.

وعند شعورها بالعصبية من كل شيء لما رجعت، كانت في مرحلة طبيعية تمر فيها أي سيدة، ولما بدأت تبحث عن أفضل دكتور وتراسل مراكز عديدة وتبحث عن بدائل علاجية أخرى، مثل؛ الديتوكس، ممكن تساعدها، كانت في مرحلة ممكن نسميها مرحلة "لو" واللي نحاول فيها أن ننفي هذا الفقد أو هذا الحزن، وبعدها مرت بالمرحلة الرابعة اللي هي مرحلة الانعزال، لما عزلت نفسها عن كل الناس وبدأت تشعر باكتئاب مؤقت.

هذه هي المراحل اللي ممكن أي سيدة تعدي فيها بعد تشخيصها بسرطان الثدي أو أي نوع من أنواع الأمراض المزمنة اللي يفقد فيها الانسان جزء من عافيته، هذه المراحل ما تجي بالترتيب ويمكن يتنقل بها الإنسان من مرحلة إلى أخرى وممكن تكون مرحلة الغضب قبل الذهول والصدمة أو مرحلة الانعزال قبل الإنكار لكن المهم أنه ما نبدأ بمرحلة التقبل.

بالذات لأننا إيماننا بالله عز وجل قوي وثقافتنا الدينية عالية فدائمًا نمتلك حس أنه آمني بقضاء الله وقدره لا تحزني.

للأسف كتم المشاعر وعدم التعبير عنها وعدم الحزن يجعلها تزداد سوءًا لأنه أغلب الدراسات كشفت أنه السيدات اللي تبدأ بمرحلة التقبل ينتهوا بمرحلة الغضب وهذا ما يزيد حدة المشاعر السلبية، وفي ديننا الإسلامي وحديثنا عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" عندما قال لما فقد ابنه إبراهيم قال "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" فالحزن موجود وهذه طبيعة بشرية وطبيعي أننا نحزن وحزنك ماهو دليل على عدم إيمانك بقضاء الله وقدره، ولكن تعاونك مع المشاعر بطريقة صحيحة سيجعلك تتجاوزين هذه المرحلة.

هذه المراحل عادة تستغرق من شهر إلى سنة، بعض الناس ممكن تمر عليهم كل المراحل على شهور أو شهر واحد وممكن تستغرق سنة، لكن إذا استمرت مراحل الحزن والكآبة أكثر من سنة ممكن تلجأي للمختصين والمعالجين النفسيين اللي بإمكانهم مساعدتك في إنك تتخطي هذه المرحلة.
أنوثتك إحساس بداخلك ما عمرها كانت بشكلِك او بشعرِك او مظهرِك، الأنوثة إحساس واسلوب وطريقة تفكير وتعبير، وتذكري أن اللي وهبك الصحة والعافية قبل التشخيص قادر أن يهبك الصحة والعافية بعد التشخيص.

أتمنى تكونوا استمتعتم معي في قصة اليوم وأنتظر إجاباتكم على سؤال الحلقة بعد الحلقة وأرائكم واقتراحاتكم على مواقع التواصل الاجتماعي.